اخر الاخبارمقالات وقضاياهام

الحكومة تطمع بفرض خمسة آلاف ليرة على المازوت!

عزة الحاج حسن

عندما طلب رئيس الحكومة، حسان دياب، من وزيري الطاقة والمال في جلسات مغلقة، إيجاد مخارج قانونية لفرض زيادة 5000 ليرة على صفيحة المازوت، لم يكن الطرح مستجداً. كما لم تصح ادعاءات البعض بتخصيص إيرادات الزيادة على المازوت لدعم العائلات الفقيرة.
كل ما في الأمر أن الدولة لا تقوى على ضبط معابرها الحدودية مع سوريا، وتتخاذل عن مواجهة المهربّين، وكل مَن يؤمّن لهم التغطية الآمنة للتهريب.. ولذا، تتّجه الحكومة إلى فرض رسوم على صفيحة المازوت بهدف لجم التهريب إلى سوريا، عن طريق تضييق فارق أسعار المازوت بين لبنان وسوريا، متجاهلة عدم قدرة اللبنانيين على تحمّل مزيد من الرسوم على إحدى المواد الأولية، كمادة المازوت.

طرح دياب بفرض زيادة على سعر صفيحة المازوت لم ينطلق من البحث عن موارد مالية لدعم العائلات الفقيرة، إنما من اقتراح المجلس الأعلى للدفاع رفع سعر المازوت اللبناني للجم تهريبه إلى سوريا. بمعنى آخر، بدلاً من قيام السلطات الأمنية بدورها في ضبط الحدود وتجريم التهريب، خصوصاً للمواد المدعومة بالدولار الرسمي من قبل مصرف لبنان، سيتم اللجوء إلى تحميل المواطن اللبناني عبء ارتفاع أسعار المازوت كضريبة على عجز حكومته.

اقتراح سابق
بدأ اقتراح فرض رسم على صفيحة المازوت يدور بين كواليس الحكومة، والمعنيين بملف ضبط الحدود، في شهر آذار الفائت، حين سلك سعر الصفيحة مسار الإنحدار من 15 ألف ليرة. ولم تتجرأ حينها الحكومة على اتخاذ قرار فرض الرسم على الرغم من تيقنها بارتفاع كميات تهريب المازوت بشكل هائل في شهر نيسان. إذ بلغ حجم التهريب إلى سوريا في ذاك الشهر نحو 4000 ليتر مازوت يومياً.

وعندما تراجع سعر صفيحة المازوت، تماشياً مع انهيار أسعار النفط عالمياً، لحين وصل إلى نحو 8 آلاف ليرة، علت الأصوات المطالبة بتثبيت سعر صفيحة المازوت، على غرار التثبيت الحاصل لسعر صفيحة البنزين. وكان المقترح الأكثر قبولاً حينها هو التثبيت عند 14 أو 15 ألف ليرة، على أن تجبي الدولة كل ما يزيد عن سعر الصفيحة الحقيقي ويقل عن 15 ألف ليرة، لاسيما أن المازوت لا يخضع لأي رسوم منذ العام 2012، تردّدت الحكومة حينها في تثبيت سعر المازوت، قبل أن تعاود طرح الملف على الطاولة. لكن من بوابة فرض رسم مقطوع 5000 ليرة على الصفيحة، تحت ذريعة ضبط التهريب إلى سوريا.

مضاعفة التهريب 
لا شك ان كميات المازوت التي يتم تهريبها إلى سوريا ضخمة جداً. إذ وحسب مصدر لـ”المدن” فاستيراد المازوت خلال شهر نيسان الفائت ارتفع بنسبة 20 في المئة عما كان عليه في شهر نيسان 2019. أي بمقدار مليون ليتر يومياً، في مقابل تراجع الاستهلاك اليومي من 5 مليون ليتر يومياً إلى نحو 2 مليون ليتر، نظراً إلى تعطل الحركة الاقتصادية في البلد وحال التعبئة العامة والحجر بسبب فيروس كورونا. ما يعني أن كميات المازوت المستوردة بلغت نحو 6 مليون ليتر يومياً، في حين بلغ الإستهلاك نحو 2 مليون. ما يعني أن 4 مليون ليتر خرجت من السوق اللبنانية إلى سوريا بشكل يومي في شهر نيسان.
إلا أن رفع أسعار المازوت اللبناني لن يشكّل رادعاً جدياً لتهريبه إلى سوريا، خصوصاً أن التوجه بات جدياً لفرض رسم بنحو 4000 أو 5000 ليرة، ليصبح سعر الصفيحة تلقائياً 15 ألف ليرة، في حين أن سعر صفيحة المازوت في سوريا يبلغ حالياً أكثر من 23 ألف ليرة. ما يعني أن فارق السعر بين البلدين سيبقى عند حدود 8000 ليرة. وهذا من شأنه خفض أرباح المهرّبين ليس إلا، ما يُسقط ذريعة فرض رسم على المازوت لوقف تهريبه إلى سوريا.

إقدام الحكومة في المرحلة القريبة على فرض رسم على المازوت وفق ما هو مرجّح، من شأنه تأكيد عدم جديتها بضبط عملية التهريب، لاسيما أن عملية ضبط مسار المازوت من الإستيراد إلى الإستهلاك يُعد عملية بالغة السهولة، وفق ما يؤكد أحد المعنيين في قطاع المحروقات. وقد وضعت خريطة طريق بين رئيس الحكومة ووزيري الطاقة ريمون عجز والاقتصاد راوول نعمة ومدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، تتيح بموجبها لوزارة الاقتصاد الكشف على المستودعات الجمركية وعلى البيانات التفصيلية من جهة، وعلى جداول الفواتير الخاصة بكل موزع وتاجر، مرفقة بالكميات المباعة ووجهتها، وإيصالات تثبت أن كميات المازوت تم بيعها في السوق المحلي.
وإذا كانت آلية ضبط مسار المازوت موجودة، فلماذا لا يتم تطبيقها؟ وتالياً يتم إحباط عمليات تهريب المازوت إلى سوريا، وتجنيب اللبنانيين مزيد من الضغوط والتكاليف المعيشية، والإكتفاء بتطبيق ما نصت عليه الخطة الاقتصادية للحكومة، فيما خص فرض رسم على صفيحة المازوت تم تحديدها بـ1000 ليرة.

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى